الاشتغال على الأفكار المسبقة للتلاميذ
(أفكارهم المسبقة حول علاقة الأنا بالغير وطبيعة الانسان الاجتماعية) الربط المفاهيمي والأشكلي مع الدرس السابق الحوار والمشاركةوالمناقشة.
طرح المشكلة: باعتبار الانسان كائن اجتماعي بطبعة فهو يسعى إلى تكوين علاقات مع الآخرين مما يفرض عليه مراقبة أفعالة وتحمل تبعاتها، ومن هنا تظهر تصورات أساسية كالحرية والمسؤولية والتي تعتبر من أهم القضايا المطروحة في الساحة الفلسفية على امتداد عصورها، فما المقصود بالحرية وما المقصود بالمسؤولية؟ وما علاقة المسؤولية بالحرية من جهة والحتمية من جهة ثانية ؟.
أولا: ضبط التصورات:
01- الحرية:
المفهوم العامي: تعني الحرية لدى عامة الناس أن يفعل المرء كل ما يريده دون قيد أو حدود أو إملاءات، ولكن هذا المفهوم ليس مضبوطا وليسا شاملا .
المفهوم الفلسفي: الحرية هي القدرة على الإختيار بين أمرين أو ممكنين فأكثر مع الوعي بالأسباب والنتائج دون إكراه خارجي، أو الحرية هي قدرة المرء على أن يختار من بين عدة أفعال مع تحديد الأسباب وتصور النتائج اعتمادا على إرادته، فالحرية كل فعل نابع من الإرادة.
02 -التحرر: التحرر بالمفهوم العامي هو سعي فرد أو شعب إلى الخروج عن سيطرة مستبد أو متسلط وتحقيق الاستقلال الذاتي، واصطلاحا يقصد بالتحرر السعي نحو اكتساب الحرية كقدرة على الإختيار، فالتحرر هو بذل جهد من أجل معرفة مسببات الحرية والعمل على تحصيلها، فإذا كانت الحرية صفة فالتحرر سعي وفعل موجه أو ممارسة واعية بهدف بلوغ صفة الحرية.
03- المسؤولية: من الناحية العامية هي تقلد منصب سام كقولنا مسؤول في الدولة، ولكن اصطلاحا : هي تحمل المرء لتبعات ونتائج أفعاله، أو هي :"أهلية المرء لأن يحاسب على أفعاله"، فيوجه له السؤال : لماذا حصل كذا؟.
أنواع المسؤولية: المسؤولية نوعان :
أ- مسؤولية اجتماعية: وهي تحمل الفرد لتبعات فعله أمام السلطة الاجتماعية التي ينتمي إليها سواء بما تتضمنه من قوانين وتشريعات ، أو ما تتبناه من أعراف وتقاليد، بحيث يتعرض المرء للثواب أو العقاب من طرف المجتمع بحسب طبيعة الفعل الذي أقدم عليه، كتحمل المجرد نتائج جريمته.
ب – مسؤولية أخلاقية: وهي الشعور الداخلي للمرء الصادر عن الضمير، وما يتضمنه من عتاب وتأنيب، بحيث يكون الفرد مسؤولا أمام ضميره كمراقب ذاتي وداخلي للأفعال ومحاسب عليها ثواب وعقابان مثل الشعور بالرضا على إرجاع الأمانة إلى أهلها والندم على الظلم، وقد اهتم إيمانويل كانط اهتماما رئيسيا بالمسؤولية الاخلاقية باعتبار أن الانسان ملتزم أمام ضميره
ثانيا: بين الحرية والتحرر:
إذا كانت الحرية قدرة عل الاختيار فهل يمكن اعتبار هذه القدرة معطى جاهزا أم قدرة مكتسبة بالسعي والكد؟
01- النزعة العقلية : الحرية معطى جاهز. ديكارت، سارتر.
يزعم بعض الفلاسفة امثال ديكارت و برغسون و سارتر ان الحرية صفة فطرية تولد مع الانسان و هي مرادفة لوجوده تدرك حدسيا بشكل بديهي لذلك فالانسان يولد و يوجد حرا. حيث قال ديكارت: "إن حرية إرادتنا يمكن أن نتعرف عليها بدون أدلة، وذلك بالتجربة وحدها التي لدينا عنها". يرى برغسون أن الحرية هي عين "ديمومة" الذات، و"الفعل الحر يصدر في الواقع عن النفس بأجمعها" ، ويقول سارتر: "إن الإنسان لا يوجد أولا، ليكون بعد ذلك حرا، وإنما ليس ثمة فرق بين وجود الإنسان ووجوده حرا" و "إنه كائن أولا، ثم يصير بعد ذلك هذا أو ذاك". إنه مضطر إلى الاختيار والمسؤولية. فالحرية قدرة فطرية يحوزها الانسان وهي تُدرك بالبداهة.
نقد: لكن قد تكون الحرية مجرد وهم، لذلك انتقد اسبينوزا هذا التسرع في توهم الحرية واعتبر أن الانسان يظن أنه حر لأنه يجهل الأسباب التي تسيّره.
02: أنصار التحرر: الحرية قدرة مكتسبة بالعلم والعمل. الرواقية، أبيقور، كارل ماركس، مونييه.
وفي سياق القول بالتحرر، يذهب الرواقيون إلى أن الحرية ليست معطًى أوليا في ظل عالم مجبر، وإنما هي تُكتسب بالكد والعمل على أساس العيش على وفاق قوانين. وتحرُّرُنا يقاس بقوة أو ضعف أعمالنا وإنجازاتنا.
ويدعو ك. ماركس ـ من أجل تحرر الإنسان من كل نير وكل استغلال وتغيير العالم ـ إلى امتلاك العلم لاكتشاف القوانين الموضوعية التي تُسيِّر الكون وتتحكم في حياته الاجتماعية. وفي سياق التحرر، يرى مونيي الفيلسوف الشخصاني أن "كل حتمية جديدة يكتشفها العالِم تُعد "نوطة" تضاف إلى سلم أنغام حريتنا"، وأن حريتنا ليست سوى غزو مستمر.
نقد: لا يمكن انكار دور المعرفة والعلم في اكتساب مزيد من الحرية ولكن كيف يمكن الجمع بين الحرية من جهة وبين الحتميات وقوانين الطبيعة من جهة أخرى رغم أنهما متناقضان، كما ان الحرية مفهوم ميتافيزيقي ملازم لماهية الانسان العاقلة مما يعنى أنه صفة فطرة وليست مكتسبة.
نتيجة: نستنتج من التحليل السابق أن قضية الحرية لا يمكن فهمها إلا من خلال فهم ماهية الانسان العاقلة، التي تعنى ارتباط تحقيق وتجسيد الحرية بمدى اعنال القعل واكتساب العلم وفهم العالم المحيط بهن وبالتالي فالحرية ما هي في الحقيقة سوى سلوك تحرر، فكلما عرفة الانسان مزيدا من الحقائق كلما أصبح أكثر حرية.
ملاحظة
ضرورة اتباع اسلوب
الحوار المشاركة
المناقشة